umbrella logo

500 % زيادة إيجارات محلات «المباركية»

يعتزم أصحاب المحلات التجارية الواقعة في سوق المباركية تقديم عريضة شكوى إلى كل من رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة ووزير المالية ورئيس هيئة للشراكة بين القطاعين العام والخاص ورئيس جمعية حقوق الانسان، مع تنظيم وقفة احتجاجية غدا الخميس أمام محلاتهم في سوق المباركية، فيما تعقد منظمة «كافي» الدولية لحقوق الانسان ومكافحة الفساد والصحة والتعليم مؤتمرا صحافيا، وذلك على خلفية قيام المستثمر الجديد (شركة ريال استيت هاوس العقارية) بإنذار أصحاب المحال البالغ عددها نحو 600 محل تجاري، بالإخلاء الفوري أو الاستجابة إلى إعادة تسعير الإيجارات الجديدة التي تفرضها الشركة وفقا لعقود إيجارات جديدة بنسب زيادة تصل إلى نحو 500%.

وجاء التعاقد مع شركة ريال استيت هاوس العقارية من قبل وزارة المالية في فبراير الماضي بمبلغ 3.6 ملايين دينار، وذلك بعد أن انتهى عقد شركة مجمعات الأسواق التجارية التي نفذت المشروع وأدارته لمدة 20 عاما، حيث تم طرحه للمزايدة في خطوة تهدف من خلالها وزارة المالية إلى زيادة إرادات الدولة من الأملاك العامة والتي تمثل أحد محاور وثيقة الإصلاح المالي التي تم اطلاقها في 14 مارس الماضي.

هذا الامر لقي تفاعلا شعبيا وجماهيريا كبيرا كونه يمس شريحة كبيرة من المواطنين الذين توارثوا هذه المحلات أبا عن جد منذ أكثر من 150 عاما، حيث يعتبر هذا السوق بمبانيه البسيطة بمنزلة مركز سياحي عالمي يوفر العيش الكريم لأكثر من 600 مستثمر، لكن طرحه للمزايدة دفع المزايد الجديد إلى رفع إيجاراته إلى أعلى حد ممكن دون أن يكترث بمصير مئات المؤجرين من ورثة أصحاب بسطات الخضار القديمة أو من صغار التجار، وذلك كله في سبيل تحقيق هامش ربح كبير، حتى لو انعكس ذلك سلبيا على المشروع.

وفي هذا الاطار، يقول رجل الاعمال ومالك أحد مشاريع الـ B.O.T. د.عدنان الصالح: إن الكويت لجأت إلى مشاريع الـ B.O.T. بعد التحرير من الغزو العراقي الغاشم، حيث واجهت الدولة في مرحلة إعادة البناء أزمة مالية حادة اضطرتها إلى الاقتراض والاستعانة بالقطاع الخاص لتنفيذ مشاريع ترفيهية وسياحية وتجارية وخدمية، وصاحب ذلك تحرك الكبير من بلدية الكويت ووزارة المالية للتعريف بهذه المشاريع ودعوة القطاع الخاص لخدمة وطنه والمساهمة في نهضته وإعادة بنائه.

وأضاف: فيما بعد تغيرت معاملة أملاك الدولة والبلدية لهذه المشاريع والتي كانت مصدرا للفخر وعنوانا للنجاح، خاصة مع صدور القانون سيئ الذكر رقم 7 لسنة 2008 الذي أصاب جميع المشاريع بالشلل ولم يتم تنفيذ أي مشروع خلال مدة سريان هذا القانون لمدة 6 سنوات وقد منع هذا القانون أي تطوير على المشاريع القائمة أو تعديل مما ألحق الكثير من الأذى. وأشار الصالح إلى أن هذا القانون أسس لمبدأ قانوني يتعارض مع مبادئ القانون وهو تطبيق القانون بأثر رجعي، حيث تم توقيع جميع عقود هذه المشاريع تحت مسمى عقد استثمار مرفق عام وذلك تحت مظلة القانون رقم 105 لسنة 1980 وأتى القانون الجديد رقم 7 لسنة 2008 ليخرجها من القانون الذي أسست تحته ويدخلها تحت القانون رقم 7 لسنة 2008 وينص على إيقاف العمل بأي تعديل وتطوير على هذه المشاريع وكذلك تسليم هذه المشاريع بعد انتهاء مدتها إلى وزارة المالية ويتم طرح هذه المشاريع «لمن هب ودب» بالمزاد العلني وبدون إعطاء المستثمر المطور أي ميزة تنافسية.

وتابع الصالح «جاء القانون الجديد رقم 116 لسنة 2014 بحلول جميلة لعيوب القانون رقم 7 لسنة 2008 وعمل خارطة طريق لا بأس بها للمشاريع الجديدة، لكنه استمر في ظلم المشاريع القائمة، وذلك بأن حرمها من التجديد الذي كان متاحا لها تحت قانون رقم 105 لسنة 1980 التي أبرمت العقود تحته، وأجبرها على الدخول في مزاد علني منفردة عن باقي استخدامات أراضي أملاك الدولة التي يسمح لها بالتجديد التلقائي بعد أن منحها ميزة تنافسية في المزاد تقدر بـ 5% للشركات الخاصة و10% للشركات المساهمة».

وأكد على أن هذا الفعل يتنافى مع أبسط مبادئ التعامل الشريف، فعند قيام المستثمر المطور بالالتزام بتنفيذ مشروعه في ظل أحلك الظروف الاقتصادية والتزامه بكامل قدراته المالية لهذا المشروع الجديد وسط غياب ومنع جميع آليات التمويل وتخليه عن المشاريع الخاصة الأخرى المتاحة له فإن كان يدرس العرف الذي تسير عليه الدولة وشرف التعامل ومرونة القانون رقم 105 لسنة 1980 الذي وقع عقدة تحته وهو كذلك مطلع على استخدامات أراضي أملاك الدولة المختلفة وتجديد عقودها التلقائي وذلك في أراضي الشويخ والري والقسائم الصناعية في صبحان وغيرها والمدارس والمزارع وما إليه.

ولفت الصالح إلى أن المستثمر الأصلي للمشروع كان سيهتم بمشروعه بطريقة أفضل ويسعى إلى تطويره لو كان يعمل تحت مظلة القانون الذي ابرم العقد في ظله، وذلك على عكس المزايد الجديد الذي حصل على مشروع قائم بدون أي تعب أو دوخة أو حتى مؤهلات مناسبة لإدارة المشروع هي الزيادة الفورية للإيجارات وتحول المشروع إلى مجرد حساب ربح وخسائر بدون مراعاة لظروف السوق والمؤجرين.

وقال إن المزايدات التي أجريت على بعض المشاريع القديمة التي آلت إلى الدولة أثبتت خطورة هذه المزايدات على الاقتصاد المحلي.

فمن الناحية الأولى لا يتطلب الدخول في هذه المزايدات أن تكون الشركة المتقدمة كويتية أو أن تكون ذات اختصاص وخبرة في نفس المجال، إذ ان كل المطلوب هو دفع أعلى إيجار، وقد منح القانون الجديد ميزة تنافسية 10% للشركات المساهمة و5% للمستثمرين الآخرين وهي تفرقة من غير وجه حق ولا تتطابق مع عقد الاستثمار وبالرغم من أن القانون ينص على مزايدة علنية فإن المنبع هو مزايدة بالظرف المختوم ولا تفتح علنيا ولا يتم الإفصاح عن جميع العطاءات، وتطالب الشركات بأن يكون المزاد علنيا على نفس طريقة المحكمة وزارة العدل.

ولفت الصالح إلى أن الكارثة القادمة ستتمثل في دخول المضاربين في إدارة هذه الأسواق وبدء الزيادة السريعة والعالية للإيجار، الامر الذي من شأنه أن يؤدي إلى القضاء على فئة كبيرة من صغار التجار، والمفارقة أن ذلك يأتي في وقت تعلن فيه وزارة المالية عن توفير 2 مليار دينار لتمويل مشاريع الشباب بالإضافة إلى الملايين الأخرى التي تبرعت بها الكويت لدعم مشاريع الشباب.

واختتم الصالح قائلا إن كان من الواجب على الحكومة أن تقوم بالتفاوض مع مطور المشروع الأصلي الذي لبى دعوة مجلس الوزراء للمساهمة في تنمية الوطن وغامر بأمواله وجهده وعانى من تعسف البلدية وتضرر من القوانين الجائرة ولم يستطع استكمال باقي خططه التطويرية ووصل مع المؤجرين إلى قيم إيجارية تتناسب مع النشاط المطروح والوضع الاقتصادي العام، مبينا أنه يمكن التفاوض مع المستثمر الاصلي على قيمة إيجارية جيدة تتناسب مع المعمول به في الكويت وذلك وفقا للقانون رقم 105 لسنة 1980 الذي تم التعاقد على استثمار المشروع في ضوئه والاستماع إلى المستثمر عن أفكاره نحو التطوير وتحسين الخدمات.

فبذلك يتحقق الصالح العام ولا يتأثر السوق بصدمات غلاء مفاجئة. وتكون هناك مساواة بين جميع مستثمري أملاك الدولة ويتم بذلك التطوير الحقيقي للخدمات والمباني بدلا من حرب الإيجارات والأسعار.

بدوره، رفض الخبير والمقيم العقاري عبدالعزيز الدغيشم الزيادة الحالية في إيجارات محلات أسواق المباركية التي قال إنها ستتسبب في قطع أرزاق شريحة كبيرة من المؤجرين والاسر الكويتية، في سوق قديم يشكل تاريخا وتراثا عريقا بالنسبة للكويت.

وأضاف أنه يفترض دعم ومساعدة صغار المستثمرين القائمين على هذا السوق بدلا من محاربتهم في أرزاقهم، خاصة أنهم من أصحاب المهن البسيطة التي لا تتحمل ذلك الكم الكبير من الإيجارات الخيالية التي يطالبهم بها المستثمر الجديد للسوق.

وقال الدغيشم إن سوق المباركية يناسب شريحة معينة من المستهلكين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، في حين أن رفع الإيجارات بهذا الحجم سيحمل هذه الشريحة أعباء كبيرة، فضلا عن أنه سيقضي على شريحة كبيرة من المحال والأسواق الشعبية التي ستهجر هذا السوق في حال إصرار المستثمر على رفع القيم الايجارية بهذا الحجم، كما أنه سيحول طبيعة السوق من سوق شعبي إلى سوق مطاعم ومقاه ومحال تجارية لا تتناسب مع شريحة محدودي ومتوسطي الدخل بأي حال من الأحوال.

وأشار إلى أن كل المؤجرين الحاليين في سوق المباركية هو من البسطاء وليسوا من التجار أو المستثمرين، حتى ان سلعهم في أغلبها رخيصة وزهيدة الثمن، فبالتالي من غير المقبول أن يتم تحميلهم ايجارات لا تتناسب مع مدخول هذه السلع.

Alanba Newspaper

15 Mar, 2017


More Articles